الجرائم اإللكترونية تقرع الجرس..
الجرائم الإلكترونية، عالم مليء بتفاصيل دقيقة علمية وتكنولوجية تدور أحداثها في عالم افتراضي، مما يجعل من ضبطها والسيطرة عليها يحتاج جهدا مضاعفا ومتابعة حساسة عشرات المرّات عن التعامل مع أي جريمة أخرى، أدواتها وشخوصها يُمكن رؤيتهم بالعين المجرّدة، ولطبيعة هذا العالم الدقيقة، حاجة لتتبّع مستمر ومختلف.
وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية، التابعة لمديرية الأمن العام، تقوم بجهود أقل ما يوصف بها أنها جبّارة، علميا وأمنيا وتنفيذيا، ناهيك عن ما تتمع به من قدرات علمية وتكنولوجية ومهارات خارقة، تجعلها دوما بالمرصاد لكل من يرتكب هذه الجرائم، التي قد تصل في بعضها لأمن الوطن، والمواطن ، للأسف لتصبح أفضل تقنية علمية وسيلة إجرام.
أمس الأول أعلنت وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة لمديرية الأمن العام أن جهودها الفنّية والتحقيقية المتخصصة، المستمرة بهدف التصدي للجرائم الإلكترونية كشفت بأن نسبتها تزايدت لـ 6 أضعاف منذ عام 2015، جهود هامة جدا تحتاج وقفات كثيرة وقراءات جذرية تركّز على أسباب هذه الزيادة غير العادية، وقراءات بأهمية الجهود الأمنية التي تقود لضبط مثل هذه الجرائم.
أرجعت الوحدة هذه الزيادة للانتشار الكبير للتكنولوجيا والحلول الرقمية وتطبيقات الهواتف الذكية والتّوسع في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ، والجانب الأهم وعي المواطن الناتج عن رسائل التوعية بحقوقه في هذا الجانب وقدرته على التقاضي، هذا بالطبع زاد من نسب الجرائم المسجلة لدى الوحدة، وشجّع ضحايا هذا النوع من الجرائم على التقدم بشكاوى قانونية، ذلك أن مثل هذه الجرائم لم يكن ضحاياها يلجأون للتقاضي، أو حتى للشكوى، ليصبح هذا الأمر حاليا أحد الحقوق التي يطالب بها المواطن، وباتت ثقافة رفض مثل هذه الجرائم والإبلاغ عنها، سائدة، بل ومحاربة.
تزايد الجرائم الإلكترونية خلال السبع سنوات الأخيرة، وارتفاعها من (2305) قضايا عام 2015 لتصبح (16027) قضية في عام 2022، حالٌ ليس عاديا، ويجب وضعه تحت مجهر المتابعة، ليس فقط من قِبل الأجهزة الأمنية، إنما من المواطنين أنفسهم، هذا الارتفاع ونوعية الجرائم التي تم الإعلان عنها، يفرض حالة وعي مختلفة بالحق القانوني في حال تعرّض أي شخص لمثل هذه الجرائم، إضافة إلى وعي بخطورة هذه الجرائم وضرورة اتباع كافة الإرشادات التي يتم الإعلان عنها من قبل «الجرائم الإلكترونية» لعدم الوقوع ضحية لأي جريمة من هذا النوع، سيما وأن الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي وكذلك الانفتاح الذي يشهده عالم تبادل المعلومات، ساهمت بشكل كبير لزيادة نسب هذه الجرائم، وفتح شهيّة فئة البعض لارتكاب جرائم من خلال هذا العالم واسع الأفق وخطير التفاصيل.
ويوازي التقدّم في هذا العالم تكنولوجيا، تقدّما في أنواع الجرائم المرتكبة به، وللأسف مع مرور ركب تطوّره، نجد ظهورا لأساليب جرمية حديثة، وهذا يحتاج الكثير من الوعي والأخذ بكل ما يتم الإعلان عنه بين الحين والآخر من إرشادات للتعامل مع أي تطفّل الكتروني أو أي جريمة الكترونية والإبلاغ عنها فورا، حتى لا يتمكّن أحد من إيقاع أحد في شِباك جُرمه، واقع الحال يحتاج يقظة ووعيا، وأخذ هذه الجرائم على محمل الجد والوعي.
لا شكّ أن بيان وحدة الجرائم الإلكترونية أمس الأول، وضع حقائق هامة علينا جميعا التنبّه لها في التعامل مع كافة وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم إغفال أي وسيلة من وسائل هذه الجرائم، ذلك أن الوحدة أكدت على أنها لن تتوانى عن التعامل بالشكل الأمثل والمطلوب مع كل قضايا الجرائم الإلكترونية التي ترد إليها من خلال تتبعها فنياً، مهما كان نوع هذه الجرائم حتى وإن كانت عابرة للحدود فأجهزتنا الأمنية تملك القدرة الفنية والأمنية لمواجهتها.
(الدستور)